الرّداءة في زمن الكتابة...

سلسلة حلّق بفكرك (11)
 الرّداءة في زمن الكتابة...
سبق لي و أن كتبت خاطرة بعنوان الكتابة في زمن الرّداءة فماذا عن الرداءة في زمن الكتابة ؟ إن ممّا تعلمّته منذ صغري أنّ الأشياء تتمايز بأضدادها، بل ففي ميراثنا الفقهي الأصولي ضابط موسوم بدليل الخطاب أو دليل المخالفة .. فقوله تعالى : "وكان يوما على الكافرين عسيرا" دلّ من طريق المخالفة بأنه سيكون يوما على المؤمنين يسيرا.
الرّداءة في زمن الكتابة أن تتجرد من كل معنى أصيل, و خلق رصين و فكر منير...أن تذوب في الآخر ... وليس أي آخر.؟
الرداءة في زمن الكتابة أن تقول للمسيء يا محسنا ؟
أن تبيع حروفك و كلماتك و مروءتك و أخلاقك في سوق النّخاسة السياسية ... و بثمن بخس دراهم معدودات...
الرّداءة في زمن الكتابة أن تزيّف الباطل و أفعال الباطل بألفاظ قوية و أجراس رنانة و معان مصطنعات تليق بجلالة من بعْت له نفسك...
الرّداءة في زمن الكتابة أنه إذا قال الصنم :أنا يقول الإتباع :لبيك و سعديك .. الفكر أفيون الشعوب و مدمّر للإبداع و الطاقات... بل إن الرداءة يفكر الصنم بدلك فأشغل نفسك بطاعة الصنم و ارض بما حكم القضاء...
الرّداءة في زمن الكتابة أن تتبرأ القصائد من حولها وقوتها و تسلْم قيادتها و زمام أمورها لولي أمرها صاحب الجلالة المبجّل "الصنم "...
الرّداءة في زمن الكتابة أن تصنع من اللاشيء أسطورة يطوف بكعبتها الفاسدون و المادحون و المزمّرون و المطبلون تحيتهم فيها يحيى الصنم و آخر دعواهم فيها يحيى الصنم...
الرّداءة في زمن الكتابة أن تبيع آخر ما تبقى من أشلاء الأمل لحضرة الصنم؛ ليتم تحطينها و وضعها في متحف الرداءة الذي موّله و بناه و استفتحه فضيلة الصنم...
الرّداءة في زمن الكتابة هي الرّداءة في كل شيء أّنى اتجهت و تيممت رأيت أبواقا تزمّر و طبولا تقُرع و رايات تعلق كلها من صنع الصنم وكلّها تعلى الصنم ... فالرداءة منه و إليه...

تعليقات