الذائقة الجمالية ...

    في فلسفة الشعر و جمالياته (13)

الذائقة الجمالية ...

هبْ أنك طائر بجناحين و واتتك فرصة التّحليق و شقّ عباب الأفق الرّحب فهل باستطاعتك أن تصف شعور الطيور أو على الأقل شعورك بالطيران ...لا شك بأنّه شعور جميل و رائع ..أن تشعر بحرية الانطلاق في اللا حواجز بعيدا عن نظرات عيون الناس و سهام تعليقاتهم وسموم ألسنتهم السليطة أو حتّى المداهنة و المحاباة ...أو ربّما لا يعجبك التّحليق و التّشبه بالطيور و يضيق نفسك و تحنّ إلى أرضك و أهلك و مشاكسات الناس و خربشاتهم ...أو ربما لا هذا و لا ذاك ...أتوق لخوض مثل هاته المغامرة المحفوفة بالتساؤلات والمجاهيل...هذا نصّ أحببت أن أصدّر به هذه المقاربة ..
فكثيرا ما يقال بإنّ الكاتب أو الشاعر إذا شرح نصّه و فسّرة قد قتله فكذلك تعليم الذوق ..فالذوق فطري في النفس البشرية و لا يحتاج إلى شرح و توجيه..
فالذائقة  ملكة عجيبة تعمل على نخل الجيّد من الرّديء و الأصيل من الهجين .. هي بمثابة المحكّ الذي يفرّق بين الذهب الخالص و المزيّف  ...لذلك فمن يفتقد لمثل هذه الملكة فمن الظلم أن نطلب منه رأيه في نصّ شعري أو خاطرة نثرية فنكون بذلك قد أردنا فضحه لا رأيه و الاستفادة منه ..و النّص النّثري الذي صدّرت به هذه المقاربة لو طلبنا من عدّة قارئين نظرتهم الجمالية فيه لذهب كلّ واحد منهم مذهبا معيّنا و لكنّهم سيتفقون في جماليته بالرغم من تعدد تفاسيرهم و تحليلاتهم له..
إذن فالذائقة هي الفيصل و الحكم ..تلك الملكة المرهفة التي تداعب أوتار الحروف و الكلمات فتستخرج من إيقاعات معانيها أعذب الألحان و أنفس الترانيم ..لكن على الكاتب شاعرا كان أو ناثرا أن يحدّث النّاس بما يفهمون      و باللغة التّي يعرفون و إلاّ عدّ في نظرهم متكبّرا أو فيلسوفا أو مجنونا حتّى..
و الذائقة في الأخير قوّة خلّاقة باطنية تميّز بين الجمال و القبح في الأشياء و الأشخاص     و النصوص ..




تعليقات