الشّيئية في القرآن الكريم
الشيئية في القرآن الكريم
و مصطلح " الشيئية
" ببساطة ينحصر بين آيتيْن كريمتيْن عظيمتيْن و هما قول الله تعالى: " ليس
كمثله شيء و هو السّميع العليم " [الشورى-11-] و قوله تعالى:" ولقد صرفنا
في هذا القرآن من كلّ مثل و كان الإنسان أكثر شيء جدلا " [الكهف-53-]...
وقد ذكر لفظ " الشيء
"في القرآن الكريم 202 مرّة على اختلاف صِيّغ تركيباتها و أحوال إعرابها رفعا
و نصبا وجرّا، ولم تأت بصيغة الجمع إلا أربع مرات ، نوردها على الترتيب:
1." ولا تسألوا عن أشياءٍ إِن
تبدُ لكم تسؤْكم "[المائدة-101-]
2." فأوفوا الكيْل و الميزان و
لا تبخسوا الناس أشياءهم "[الأعراف- 85-]
3." و لا تبخسوا الناس أشياءهم
و لا تعثوا في الأرض مفسدين "[هود-85-]
4." و لا تبخسوا الناس أشياءهم
"[الشعراء-183-]
و كلّ هذه الآيات الكريمة
مكّية النزول ما عدا الآية الأولى فهي مدنية النزول...
وبتتبع آيات القرآن الكريم
التي ورد فيها ذكر" الشّيء "يتأكد للقارئ أصلا عظيما من أصول التوحيد ، و
الذي مفاده أن لا طمع من إدراك صفات الله و أسمائه ، و لا يسع الحليم إلا التسليم و
الإيمان بها كما جاءت في الشرع بلا تكييف و لا تمثيل ولا تشبيه ؛ ذلك أن الشيء في القرآن
الكريم خصيصة لازمة بالمحدثات التي يعتريها النقص ، و يطالها التغيير وتنتقل من حال
إلى حال ، و مثل هذه الصفات لا تليق إلا بالمخلوقات إذ أن ثبوت صفات الكمال لله الكبير
المتعال يستلزم نفي اتصاف الله تعالى بأضدادها كما يقرر علماء التوحيد والعقائد...
لا شيء يشبه ذاته و صفاته
سبحانه عن إفك ذا البهتان
وهذا بيان ما أجمل:
بداية نورد نزْرا من آيات
الله تعالى على غير ترتيب تبرز بوضوح مصطلح" الشيئية "نجعلها مقدمة لما يراد
بيانه:
" إن الله على كلّ شيء قدير
" (البقرة:20 )
" إن الله على كلّ شيء شهيد
" (البقرة:29 )
" و كان الله على كلّ شيء مقيتا
" (النساء:33 )، (الحج: 17 )
" إن الله على كلّ شيء حسيب
" (النساء 86 )
" و كان الله بكلّ شيء محيطا
" (النساء: 126 )
" و هو على كلّ شيء وكيل
" ( الأنعام: 102 )
" و هو رب كلّ شيء " (الأنعام:
164 )
" و رحمتي وسعت كلّ شيء
" (الأعراف : 156 )
" و لا تضرونه شيئا إن ربي على
كلّ شيء حفيظ " (هود: 57 )، (سبأ: 21 )
" و كلّ شيء عنده بمقدار
" (الرعد: 13 )
" و كان الله على كلّ شيء مقتدرا
" (الكهف : 23 )
" لا إله إلا هو كلّ شيء هالك
إلا وجهه " (القصص: 88 )
" و كان الله على كلّ شيء رقيبا
" (الأحزاب: 52 )
" إنه بكلّ شيء بصير "
(الملك: 19 )
" و ما كان الله ليعجزه من شيء
في السماوات و لا في الأرض " (فاطر: 44 )
" و كلّ شيء أحصيناه في إمام
مبين " (يسن: 12)
" فسبحان الذي بيده ملكوت كلّ
شيء و إليه ترجعون " (يسن: 36 )
" و من كلّ شيء خلقنا زوجين
لعلكم تذكرون " (الذاريات : 51 )
" أم خلقوا من غير شيء أم هم
الخالقون " (الطور: 35 )
" إنا كلّ شيء خلقناه بقدر
" (القمر: 49 )
" و كلّ شيء فعلوه في الزبر
" (القمر: 52 )
" إن الله بالغ أمره قد جعل
الله لكلّ شيء قدرا " (الطلاق: 03)
" و كلّ شيء أحصيناه كتابا
" (النبأ: 29 )
" و أحاط بما لديهم و أحصى كلّ
شيء عددا " (الجن: 28 )
من خلال القراءة الأولى و
المتأنية لهذه الكوكبة المباركة من الآيات البيّنات تتراءى أمامنا حقائق ضخمة ، مقتحمة
ساحات النفس البشرية ، قارعة آفاق عقل الإنسان المستنير و محلقة به في رحاب روحه الشاسعة...
إنها حقائق يمكن تصنيفها و
تقسيمها على هذا النحو:
1- القسم الأكبر: آيات يدور رحاها
حول اسمين جليلين حسنيين هما العليم و القدير
أو المقتدر...
2-القسم الثاني: آيات تنحصر
و تتوزّع بين أسماء الله الحسنى التالية:البصير، المحيط، المقيت، الحسيب، الحفيظ، الوكيل،
السميع، الرقيب...
3-القسم الثالث: آيات تناولت
ثبوت صفات الكمال لله تعالى من جهة، و نفي أضداد صفات الكمال عن الله تعالى من جهة
ثانية.
-القسم الرابع: آيات كلّها
تنزيه مطلق لله الواحد الأمجد.
5-القسم الأخير: آيات تثبت أن
الشيء في القرآن الكريم هو المحدَث أو المخلوق بغض النظر عن حقيقته و ماهيته و جنسه
و نوعه و صفاته، و اتصاف هذا " الشيء " بأضداد صفات الكمال من نقص و ضعف
و عجز و هوى و تغير و ظلم و فقر...
و أغلب الآيات التي عنيت بتبيان
هذا القسم وردت غير مقرونة بإسم من أسماء الله تعالى أو بصفة من صفاته الجليلة...
و الجدير بالذكر أن هذه الأسماء
الحسنى إنّما هي أسماء مشتقة من صفات الكمال
و الجلال، و معظمها من قبل
صفات الذاّت المقدسة كالعلم و القدرة و البصر فليلاحظ هذا...
و هذا جدول إحصائي لورود بعض
أسماء الله الحسنى مقرونة بلفظة الشيء:
القدير
35
الوكيل
03
العليم
20
الحفيظ
02
الشهيد
09
المقتدر
01
المقيت
01
الرقيب
01
الحسيب
01
البصير
01
المحيط
02
المجموع
76مرة
( جدول مرتب حسب ظهور اسم الله
في القرآن الكريم )
و اعتمادا على:
1. التقسيم الخماسي السابق؛
2. الجدول الإحصائي؛
3. معاني هذه الأسماء الحسنى
كما وردت في مظانها*.
فإنه يمكن الخروج بنتيجة عظيمة
و بتصنيف بديع قديم لكلّ الآيات التي وردت فيها لفظة " الشيء "مقرونة باسم
من أسماء الله الحسنى أو بصفة من صفات الذات العليّة
و صفات الفعل ألا وهي:
01-آيات تثبت صفات الله الواحد
المتعال...
02-آيات تنفي أضداد صفات الكمال
و الجلال عن الله تعالى و هي النقائص.
03-آيات تنزه الله عن التمثيل
و التشبيه و التكييف.
و بعد فهذه إطلالة مختصرة
عن بديع ما في القرآن الكريم من كنوز و أسرار تعضد ما ذهب إليه جمهور السنة من علمائنا
الأكارم ، و تنحو نحوهم و تقتفي أثرهم في توحيد الألوهية و الربوبية و توحيد الصفات
و الأسماء...و بالله التّوفيق
تعليقات
إرسال تعليق