الخيال الصادق و الكاذب..

في فلسفة الشعر و جمالياته (11)

الخيال الصادق و الكاذب..

الأحكام الذاتية المسْبقة تضع النّص في قائمة الاتهام و الرّيبة ؛فبدلا من مناقشة  الأفكار يتحول النّص الأدبي ـ نثرا أو شعرا ـ إلى دليل على ثبوت التهمة و استحكامها بالكاتب  و بذلك ينطق بالحكم غيابيا و جزافيا و يزج بالنص و كاتبه في دهاليز السجن دون توفّر أدلة و قرائن التّهمة الموجّهة و بذلك تموت الحقيقة و يطوى الملف و يسّجن النّص و كاتبه في سجون الخلفيات المسبقة .. إذ أننا لا نستطيع إسقاط بيئة و قناعات كاتب النّص لأننا بذلك سنظلم الحقيقة  و نغرس سهما قاتلا في سويداء روحها ..و فعلنا هذا  فسيغيّب الكثير من أجزاء الحقيقة محل البحث و التنقيب و الدراسة..
الخيال كما أتصوّره نوعين..صادق و كاذب ..
فالصادق منه انعكاس للصور المتجذرة في الوجدان و الأنا و النفس و هذا النوع حتما  سيتأثر ببيئة  الكاتب و خلفياته الفكرية المسبقة لأنّ أجزاءه إنّما هي تحوير أو تغيير في مركبات الخيال نفسه ..أما الخيال الكاذب فهو الجزء المتحرّر المكتسب من روح الجمال نفسه و الذي يحاول جاهدا أن يسقط بعض ملامحه و صوّره في بيئته الجديدة و هذا خلق و إبداع تلعب فيه الصورة دور البطولة في النّص إذ تسعى جاهدة بما أوتيت من بالغة و فصاحة و أساليب و تقنيات و جماليات إشراك القارئ في استيعاب تلك الصورة الإبداعية المراد إيصالها إليه...فكلما كان الخيال أكذب و أقرب إلى فهم و نفسية القارئ كلّما كان الكاتب ناجحا في رسالته..


تعليقات