مسلسل الهروب...

سلسلة حلّق بفكرك (09)
 مسلسل الهروب...
في وطني الأخضر و وسط صخب عابث وسحابة غبار عابرة يمشي السّلام مشيته العرجاء ، طارقا أبواب مدينتنا ضحى... فتلاحقه لعنات الكبار و الشيوخ و العجائز ..  و يصدّ بدنَه النّحيف  المرتعش أحجارُ الأطفال و الرّعاع و السّدّج و المشرّدين ..
ينظر من طرف خفيّ. .ثمّ يمتطي بساطا من الريح .. يكلّم الأشجار و الجدران ..يعانق حبّات الرّمل الباكية ، و يقبّل نسمات الهواء المخنوقة... و ها هو المسكين ينام في مرابض الكلاب المسعورة  و القطط المتشّردة.. ثم يصرخ و يصرخ في وجه طوفان جارف قد غمرت سيوله مفاتيح مدينتنا الخضراء التي استحالت إلى  حمراء ... سيله الجارف العاتي يغتال أوراقا صفراء آمنة و أخرى خضراء مسالمة ،و يحاصر أنقاض الأمل النازح الرابض في سراديب مظلمة من الإسمنت المسلّح المشبّع بأشعة ما فوق الحمراء ...وحين  يستيقظ أهل المدينة ظهرا يُقطّع نياط قلوبهم هديرُ المياه المنتفضة ، و صرخات المتاحف المتعبة و عويل العمارات المتهاوية و أطنان من أرشيف الذاكرة الهاربة ...و آهات القبور الغارقة في نومها العميق...و فجأة تنطلق صفارات الإنذار الشاحبة ليبدأ مسلسل الهروب نحو اللاّمكان و اللازمان...و تنطفأ مصابيح مدينتنا و يدخل السلام و أهله في ظلمات مطبقة لا صباحات لها...



تعليقات