حقيقة الجهل...

سلسلة حلّق بفكرك (06)
حقيقة الجهل...

لو فكر أحدنا في المثل المشهور والسائر القائل: "يفعل الجهل بصاحبه ما لا يفعل العدوّ بعدوّه" لأدرك ما لا يدركه الآخرون ؟ !..
فما حقيقة الجهل؟
يخطئ من يعتقد أن الجهل قصور أو ضعف أو انعدام للجانب المعرفي لدى الشخص، فهذا المفهوم لا يعدو كونه تجني على حقيقة الجهل نفسه.. و يمكن إدراج هذا الفهم ضمن دائرة حقيقة الأمية منه إلى مفهوم الجهل...
الجهل فكرة أو مجموع أفكار خاطئة لا تستند إلى أصل أصيل و لا إلى ركن ركين اقتنع بها الشخص في لحظة من التيه الفكري أو الشرود العقلي أو تحت طائل العاطفة المتأججة ثمّ راح يلفها أي الأفكار – بأثواب من القداسة و أوجد لها صورا واقعية في حياته النفسية و العقلية و اليومية أيضا... بل و أكبر من ذلك أسس لها مناهج و مدارس و أتبعها بحثا وأدلة في زعمه.. و هو على استعداد للتضحية بأعزّ ما يملك حتى نفسه التي بين جنبيه.. من أجلها ...
و كم من جاهل ارتفعت روحه و لقى مصيره و حتفه و هو على ما هو عليه..
و بعد، أليس الجهل يفعل بصاحبه ما لا يفعله العدوّ بعدوّه...
العدوّ قد يشفي غليله بإلحاق الهزيمة و الهوان بعدوّه و يترك المهزوم و حاله، أو قد يشبعه هوانا و ذلا ثم ينصرف لتحقيق نصر جديد في معركة أكبر ابتغاء مجد جديد ..
أما الجهل فلا يدع صاحبه حتى يذره جثة هامدة لا حراك فيها.. إذن فشتان شتان بين فعل الجهل و أثر العدو... أو لا يقال في الحكم و الأمثال: "عدوّ عاقل خير من صديق جاهل !..."
و بعد، أليس الجهل من أعدى أعداء الإنسان و أشده هتكا و فتكا به..
ثم إنك إذا ما أردت معالجة الجاهل و مداواته ألزمك ذلك إفراغا ثم إملاء.. و لا شك أن هذه العملية التربوية عملية شاقة متعبة تتطلب مربيا حكيما صبرا أو معلما محنكا خبيرا أو داعية عارفا مجربا أو مفكرا واعيا مسؤولا ....
فالجاهل كالأرض البور يتطلب إصلاحها تنقية الشوائب و الآفات ثم بعد ذلك غرس ما شئت من أشجار و نباتات كما قال مالك بن نبي رحمه الله تعالى... عندها ستحصد إن شاء الله تعالى ما بذرته من بذور..
و في الختام فقد صدق من قال: "يفعل الجهل بصاحبه ما لا يفعل العدّو بعدوّه"


تعليقات